إن للتغذية في مرحلة الحمل أسس علمية ثابتة تحدد النمط الغذائي للحامل خلال مراحل الحمل الثلاثة، وتهدف إلى لحفاظ على صحة الحامل خلال مرحلة الحمل وبعد الولادة، وضمان نمو سليم للجنين بدون أي مضاعفات صحية أو تأثيرات صحية قد تظهر خلال الحمل أو بعد الإنجاب
هذا بالإضافة إلى تجنُب الإصابة بأمراض أو مشكلات صحية مرتبطة بالحمل كسكري الحمل والأنيميا، وأخيراً للتخفيف من العوارض المرتبطة بالحمل كاللعيان الصباحي وفرط الشهية وغيرها.
على الحامل أن تحرص على الحفاظ على نمط غذائي صحي ونظام غذائي متوازن ومتنوع، مع الأخذ بعين الاعتبار بعض الإرشادات التي تتضمن ما يجب فعله وما يجب تجنُبه خلال كل من مراحل الحمل الثلاث.
المرحلة الأولى من الحمل
تُسمى الأشهُر الثلاثة الأولى من الحمل “المرحلة الأولى من الحمل”، وتُعتبر مرحلة حرجة يكون فيها بداية تكوُن الجنين والنظام العصبي والنخاع الشوكي له، ومن أكثر ما يجب الحرص عليه تغذوياً في هذه المرحلة أن تتبع الحامل نظاماً صحياً متنوعاً ومتوازناً بحيث يتكون من وجبات صحية تراعي الحصول على الطاقة الكافية دون زيادة على الاحتياجات اليومية من الطاقة قبل الحمل، مع أهمية الحصول على عناصر غذائية من فيتامينات ومعادن ضرورية لصحة جيدة ولنموّ سليم للجنين، إذ يعتمد الجنين على مخازن جسم الأم ليستمدّ منها كل الفيتامينات والمعادن كالحديد والكالسيوم والفوليك أسيد
ومما يجب أن تحرص عليه الحامل أيضاً خلال هذه المرحلة.
أولاً: التركيز على تناول مصادر تزوّدها بالفوليك أسيد وهو فيتامين B6 الضروري لنموّ النخاع الشوكي للجنين لتجنُّب الإصابة بخلل في نموّ النخاع الشوكي مسبِّباً ما يُسَمَّى “Spina Bifida”، وهو عبارة عن تشوُّه في نخاع العظم ويُعتبر من الأمراض المعيقة حركيّاً.
ثانياً: الحرص على شرب كمّيات كافية من الماء لتروية الجسم بشكل كافٍ، وتجنُّب الإصابة بالجفاف.
ثالثاً: الحرص على عدم تناول كميات كبيرة من فيتامين أ الموجود في الكبدة والخضراوات والفاكهة ذات اللون البرتقالي.
رابعاً: تجنُّب التدخين بتاتاً وكل ما يشابهه من مصادر النيكوتين وغيرها، كما يجب الحرص على تجنُّب التدخين السلبي الذي ينتج عن مجالسة المدخنين، والجلوس في الأماكن المخصَّصة للتدخين.
خامساً: الامتناع عن تناول الأدوية دون استشارة طبية للتأكد من عدم تناول أدوية معيَّنة تضر الجنين هرمونيّاً وجينيّاً.
سادساً: الامتناع عن شرب مصادر الكافيين من قهوة ونسكافيه ومشروبات غازية، كما يمنع استهلاك الأطعمة المعلَّبة والجاهزة والمصنعة.
المرحلة الثانية من الحمل
أما المرحلة الثانية من الحمل فهي الأشهُور الرابع والخامس والسادس، وتُعتبر مرحلة حرجة وهامة، إذ تمتاز ببدء التكون الجسدي للجنين، وتزداد احتياجات الأم من الطاقة خلال هذه المرحلة بما يقارب 340 سعراً حراريّاً يوميّاً إضافية لكفاية الجنين وضمان نموّ سليم له
وعلى الأم خلال هذه المرحلة أن تستمرّ في اتباع النمط الصحي وتتجنب الإسراف في تناول الطعام بكميات تفوق احتياجاتها واحتياجات الجنين، كما يجب متابعة الوزن مع الطبيب المختص أو إخصائي التغذية للتأكد من عدم زيادة الوزن بشكل كبير خلال هذه المرحلة من الحمل.
يُنصح في المرحلة الثانية من الحمل بالحرص على تغذية صحية وسليمة ومتنوعة بتناول 5 وجبات يوميّاً هي الفطور والغداء والعشاء ووجبتان خفيفتان بينها، على أن تتكون الوجبة من:
أولاً: البروتين، كاللحم والدجاج والسمك والبيض والتيركي والجبن الأبيض والبقوليات.
ثانياً: الحليب ومنتجاته من ألبان ولبنة، والجبن بأنواعه.
ثالثاً: النشويات من الخبز والأرز والحبوب والسكريات. ويُنصح بالحبوب الكاملة كخبز النخالة وخبز الشعير والأرز البني.
رابعاً: الفاكهة بأنواعها، مع الحرص على تنويع الأصناف، ويُفضَّل تناولها كوجبات خفيفة.
خامساً: الخضراوات المشويَّة أو الطازجة أو المسلوقة.
سادساً: شرب كمية ماء كافية لا تقلّ عن 8 أكواب يوميّاً.
المرحلة الثالثة من الحمل
تُعتبر المرحلة الثالثة من الحمل المرحلة الأهمّ، إذ يكتمل نموّ الجنين في هذه المرحلة بشكل متسارع ومتزايد ليولد الطفل بوزن ضمن الوزن الطبيعي الذي يتراوح بين 2.5-3.5 كجم.
تتميز المرحلة الثالثة بزيادة الاحتياجات من الطاقة لكفاية الأم والجنين، وتبلغ الزيادة 450 سعراً حراريّاً تقريباً. ومن أهمّ الإرشادات التغذوية في هذه المرحلة:
أولاً: يجب الحرص على التنويع في المجموعات الغذائية والأصناف في كل مجموعة لتزويد الجسم بتنوُّع من العناصر والفيتامينات التي تُعتبر جميعها ضرورية لجسم سليم ونموّ سليم.
ثانياً: يُنصح بالتركيز على تناول البروتين الذي يساعد على زيادة حجم الجنين، وبناء أنسجته من لحوم وبيض وحليب ومنتجاته.
ثالثاً: يجب شرب كمية ماء كافية في هذه المرحلة، وترطيب الجسم بشرب 12 كوب ماء يوميّاً على الأقلّ.
رابعاً: لا ننصح بشرب مصادر الكافيين من قهوة ونسكافيه ومشروبات غازية في هذه المرحلة لتجنُّب التوتُر والأرق.
خامساً: تجنُّب تناول الدسم والزيوت التي تسبب مشكلات وصعوبات في الهضم.
سادساً: تناول النشويات المصنعة من الحبوب الكاملة، وتجنُّب الكربوهيدرات كالخبز الأبيض والسكر والحلويات والأرز.
خرافات سامة
ومما يجب تسليط الضوء عليه في مجتمعاتنا العربية الخرافات المرتبطة بالحمل، ومن أكثر الخرافات تداوُلاً أن الحامل تتناول الطعام كشخصين مِمَّا يؤدِّي إلى الإسراف في تناوله، وتناول كميات غير محسوبة، مؤدِّياً إلى مشكلات كبيرة، كسكري الحمل وسمنة الحمل، تشكّل خطراً على الأم والجنين معاً، وقد تؤدِّي إلى مضاعفات خلال الولادة وفي مرحلة ما بعد الإنجاب.
من المتداول كذلك تناول الحامل المكملات الغذائية بكميات كبيرة غير مدروسة وغير متناسبة، إذ يشيع تناول الحامل حبوب المكملات الغذائية كالحديد والكالسيوم والفيتامين المتعدد التي تفيض عن حاجتها، وقد يسبِّب بعضها السُّمِّية كالفيتامينات الذائبة بالدهون، التي لا يتخلص الجسم من الفائض منها.
وما يجب فعله هنا هو إجراء الفحوصات الدورية للفيتامينات والمعادن خلال مرحلة الحمل وتناول المكملات من فيتامينات ومعادن بوصفة طبية بناءً على نتائج الفحوصات.
اتباع الحامل لنمط غذائي صحي، والحفاظ على تغذية سليمة، يحافظ على صحتها وصحة الجنين ونموّه السليم لتجنُّب أي مضاعفات صحية، بخاصة ما يحدث بشكل لافت وهو سمنة الحمل التي تستمر إلى ما بعد الإنجاب، التي تحدث بدورها نتيجة لاتباع نمط غير صحي، واتباع الخرافات الشائعة كالوحام وتناول كميات كبيرة من الطعام تفوق حاجة المرأة والجنين
TRT المصدر: بالعربي