أثارت الأنباء المتعلقة باعتقال أمراء في السعودية وعلى رأسهم ولي العهد السابق محمد بن نايف، تساؤلات عن مصير وحدة الأسرة الحاكمة هناك، وحول احتمالية قرب تسلم ولي العهد محمد بن سلمان للحكم.
وعلى الرغم من ظهور العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز لتفنيد شائعات وفاته، وعدم تعليق السلطات هناك على الاعتقالات التي أكدت الصحف الأمريكية حدوثها، إلا أنه ما زال هناك غموض حول وحدة العائلة الحاكمة وتماسكها.
“فرض الأمر الواقع”
ويفسر مدير مركز دراسات الخليج في قطر محجوب الزويري هذه الاعتقالات، “بأنها محاولة من قبل الأمير محمد بن سلمان لوضع العالم والداخل السعودي أمام الأمر الواقع، المتمثل بعمل انتقال سياسي عبر تولي ولي العهد زمام الأمور بشكل مباشر، ومن ثم حسم الأمور لصالحه”.
وتابع الزويري في حديث لـ”عربي21″: “محاولة ابن سلمان وضع الجميع أمام الأمر الواقع، جاءت نتيجة الضغوط التي تُمارس عليه، فهناك انتقادات داخلية ضده بعد محاولته فرض الترفيه على المجتمع، والفشل الاقتصادي، أيضا هناك ضغوط زادت عليه بعد مقتل خاشقجي”.
وأضاف: “يبدو أن هناك جفوة في العلاقات بين السعودية والحليف الأمريكي، حيث كانت صفقة القرن من أهم أسس العلاقة بينهما في الوقت الحالي، ولكن يبدو أنها لا تسير بالمسار الذي كانت تتمناه واشنطن، فالسعودية لم تنجح في الترويج لها، أيضا لم تنجح ضغوطها على السلطة الفلسطينية وعلى الأردن”.
“تهيئة طريق تسلم الحكم”
وحول إمكانية حسم ابن سلمان الأمور لصالحه وتسلمه الحكم بسلاسة دون وجود اعتراضات من الأسرة الحاكمة وغيرها، قال الزويري: “هو يحتاج إلى تهيئة أمرين، أولا؛ هو يعرف أن هناك مجلس هيئة البيعة في العائلة وهو يحتاج لضمان أصواته، ووجود أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف في الخارج، قد يعقد الأمر عليه؛ لذلك هو يحتاج للتحضير لهذا الأمر”.
وأشار إلى أن “الأمر الثاني؛ هو حاجة ابن سلمان لتخويف جميع الموجودين في المشهد السياسي السعودي، والقول لهم بأن الملك القادم سيكون حازما ويتسم بالقوة”.
“تسلط ابن سلمان يفتت الأسرة الحاكمة”
وفي ظل الحديث عن اعتقال الأمير أحمد بن عبد العزيز وولي العهد السابق محمد بن نايف، ومن قبله اعتقال عدد من الأمراء والوزراء فيما بات يعرف بقضية الريتز، يبقى السؤال الأهم: هل تبقى العائلة الحاكمة متماسكة أم تتفكك؟
يرى المعارض المقيم في لندن، يحيى عسيري في معرض رده على هذا التساؤل، بأن “أحد أهم مقومات بقاء الأسرة الحاكمة في الحكم، هو توحدها الذي لم يعد موجودا حاليا”، وفق قوله.
ويوضح عسيري ذلك في حديث لـ”عربي21″ بالقول: “كان أفراد الأسرة الحاكمة سابقا يستأثرون في الحكم ويستبدون في كل شيء، ولكن هذا الاستبداد تركز الآن وانتقل إلى الأمير محمد بن سلمان ووالده، وهذا له دلالة كبيرة جدا، بأن الاستبداد ينتقل من سيئ إلى أسوأ، وأن البلاد تنتقل من مرحلة خطرة إلى أخرى أخطر”.
وأشار إلى أن “الوضع في السعودية أصبح أخطر من ذي قبل، لأن سقوط حكم آل سعود وزواله، أصبح وشيكا أكثر من أي وقت سابق، حيث لا يوجد أي ضمانة حاليا من سقوط ابن سلمان على يد أحد من أفراد أسرته، أو أحد أفراد الاستخبارات الذين يشكل ابن سلمان خطرا عليهم وخصما لهم، خاصة بعد تنفيذهم للعملية القذرة المتمثلة باغتيال جمال خاشقجي، وموافقته على إعدام بعضهم”.
وأضاف: “هو يرسلهم للقيام بعملية ومن ثم يعدمهم، من ثم؛ هم إذا نفذوها خاسرون، وإذ لم يفعلوا ذلك خاسرون. لهذا أصبح ابن سلمان بالنسبة للاستخبارات والأسرة الحاكمة والدوائر الضيقة المحيطة بها، مصدر خطر”.
وأكد عسيري أن الأسرة الحاكمة هي الآن “في أضعف حالاتها، وتسلط ابن سلمان يزيد في تفتتها”.
بدوره عبر المختص بالشأن الخليجي محجوب الزويري، عن اعتقاده بأن “الانقسام داخل العائلة يكاد يكون واضحا جدا، فعملية نقل ولاية العهد له كانت بمعزل تماما عن كل الظروف التقليدية بالنسبة للسعودية، حيث ظهر بأن نقل ولاية العهد من ابن نايف إلى ابن سلمان لم تكن مقبولة في الأوساط السعودية”.
وأضاف: “لكن سيطرة ابن سلمان على الجانب الأمني والاقتصادي حسمت الموقف لصالحه، خاصة بعد قضية معتقلي الريتز ومصادرة أموالهم، وبعضهم كان من الأسرة الحاكمة، لكن هذا كله لن يُخفي عامل المعارضة”
المصدر: عربي ٢١